البنوك الإسلامية
4/1
عبد الواحد بنعضرا
7ـ نصر حامد أبو زيد ضحية وكيل الريان
في سنة 1993 رفع المحامي محمد صميده عبد الصمد دعوة قضائية ضد
نصر حامد أبو زيد مطالبا فيها هيئة المحكمة بإقامة أحكام الردة على المدعى عليه،
والتفريق بينه وبين زوجته، وإذا كان غريبا أن يكون هناك نظام اسمه الحسبة بمصر
يتهدد المواطن في نهاية القرن العشرين وبداية القرن الحادي والعشرين وفي دولة تعلن
أنها دولة مدنية، فإن الأكثر غرابة أن يبدأ نقاش ــ من المفروض ــ فكري في رحاب
الجامعة لينتهي في قاعة المحكمة !!
والقضية انطلقت حين عرض نصر حامد أبو زيد على مجلس الجامعة موضوع ترقيته من درجة «أستاذ مساعد» إلى درجة «أستاذ»، ولأن القضية كلها غرابة في غرابة فإن إدارة الجامعة -وبعد الاطلاع على تقارير اللجنة العلمية الدائمة لترقيات الأساتذة- رفضت ترقية نصر أبو زيد أخذا بتقرير عبد الصبور شاهين (عن كلية دار العلوم) ضاربة بعرض الحائط تقريرين آخرين لكل من قسم اللغة العربية ومجلس كلية الآداب، وليت الأمر وقف عند الرفض، بل لقد تحول إلى محاكمة للرجل في عقيدته واتهامه بالكفر تبعا للتقرير/التكفير الذي كتبه عبد الصبور شاهين والذي ركّز على الفصل الأول من كتاب نصر حامد أبو زيد الموسوم بـ «نقد الخطاب الديني»- أمّا الفصلان الآخران فلم يتطرق إليهما التقرير وكأن شاهين لم يكلف نفسه عناء قراءتهما- لكن وجه الغرابة في هذه القضية الغريبة جدا هو أن هذا الفصل كان منشورا منذ مدة طويلة مستقلا تحت عنوان : «الخطاب الديني المعاصر : آلياته ومنطلقاته الفكرية» في (قضايا فكرية) عام 1989، ولم يحرك حينها «غيرة» شاهين على الدين ولا غيره من أتباعه وحلفائه أو إثارتهم لانتقاده أو الكتابة عنه تحليلا ودراسة. فما الجديد في الموضوع إذن؟
والقضية انطلقت حين عرض نصر حامد أبو زيد على مجلس الجامعة موضوع ترقيته من درجة «أستاذ مساعد» إلى درجة «أستاذ»، ولأن القضية كلها غرابة في غرابة فإن إدارة الجامعة -وبعد الاطلاع على تقارير اللجنة العلمية الدائمة لترقيات الأساتذة- رفضت ترقية نصر أبو زيد أخذا بتقرير عبد الصبور شاهين (عن كلية دار العلوم) ضاربة بعرض الحائط تقريرين آخرين لكل من قسم اللغة العربية ومجلس كلية الآداب، وليت الأمر وقف عند الرفض، بل لقد تحول إلى محاكمة للرجل في عقيدته واتهامه بالكفر تبعا للتقرير/التكفير الذي كتبه عبد الصبور شاهين والذي ركّز على الفصل الأول من كتاب نصر حامد أبو زيد الموسوم بـ «نقد الخطاب الديني»- أمّا الفصلان الآخران فلم يتطرق إليهما التقرير وكأن شاهين لم يكلف نفسه عناء قراءتهما- لكن وجه الغرابة في هذه القضية الغريبة جدا هو أن هذا الفصل كان منشورا منذ مدة طويلة مستقلا تحت عنوان : «الخطاب الديني المعاصر : آلياته ومنطلقاته الفكرية» في (قضايا فكرية) عام 1989، ولم يحرك حينها «غيرة» شاهين على الدين ولا غيره من أتباعه وحلفائه أو إثارتهم لانتقاده أو الكتابة عنه تحليلا ودراسة. فما الجديد في الموضوع إذن؟
لقد كان على نصر أبو
زيد أن يعود ويتصفح كتابه «نقد الخطاب الديني» وما كتبه في مقدمته على النحو
التالي : «إن عملية النصب الكبرى الأخيرة -التي لا مثيل لها ربما في تاريخ
البشرية- التي تمت باسم الإسلام، لم يكن لها أن تحقق ما حققته دون تمهيد الأرض
بخطاب يكرس الأسطورة والخرافة ويقتل العقل، وكانت الأسطورة أن التقوى تجلب البركة
وتدر الربح الوفير، وهي أسطورة وقع في أحابيلها الشيطانية لا العامة والأميون فقط،
بل متعلمون ومثقفون وعلماء واقتصاديون ...».
(نصر حامد أبو
زيد، نقد الخطاب الديني، سينا للنشر، القاهرة، 1992، ص. 8).
وكأن نصر لا يعلم أن عبد الصبور شاهين كان وكيلا لشركة الريان وأحد أشد أبواق الدعاية تفانيا في خدمتها ودعوة المسلمين لإيداع أموالهم بها.
وكأن نصر لا يعلم أن عبد الصبور شاهين كان وكيلا لشركة الريان وأحد أشد أبواق الدعاية تفانيا في خدمتها ودعوة المسلمين لإيداع أموالهم بها.
إن القضية بالنسبة لشاهين لم تكن كتابة تقرير علمي عن بحث علمي،
ولكنها كانت الفرصة المواتية للضرب تحت الحزام والقيام بمحاكمة إنسان بدافع
الانتقام. إن شاهين إذن هو الخصم والحكم في نفس الآن، وهذا ما سيدركه نصر حامد أبو
زيد من أنه ضرب على الوتر الحساس، يقول : «ولكن البعض الآخر أرجع غضب الدكتور
شاهين وثورته إلى تعرض الباحث بالتحليل والنقد لظاهرة شركات توظيف الأموال، فكأن
«أبو زيد» - على حدّ تعبيرهم- قد ألهب عصبا مكشوفا لدى الدكتور الذي وظف فكره وخطابه
لخدمة مجموعة الريان». (نصر حامد أبو زيد، التفكير في زمن التكفير، ص. 57). ويضيف
أيضا : «وإذا كان تقرير عبد الصبور شاهين لا يحتاج للكشف عن مبررات تحامله أكثر من
بيان وجه الصلة التي ربطته بشركات توظيف الأموال». (نفسه، ص. 60).
هكذا يتبين لنا أن ما يحرك الخطاب الديني المعاصر ليس هو الغيرة
على الدين أو الدفاع عن خلق وإنما هي المصالح المادية والأرصدة البنكية !!
8ـ بنك التقوى وتمويل الإرهاب
لما كثر الحديث عن تجفيف منابع الإرهاب، توجهت الأبصار خاصة إلى
تلك المؤسسات المالية التي كانت تتذرع بإعطاء الصدقات والزكوات من أجل التستر على
تمويلها لجماعات وعمليات إرهابية في إطار شبكات دولية، ومن بين تلك المؤسسات التي
تركزت عليها الحملة «بنك التقوى» والذي مقره بجزر «الباهاما»، وهو بنك «إسلامي»،
نعم، هو كذلك ولو بجزر الباهاما ؟! أسسه عدد كبير من المصريين والخليجيين والباكستانيين،
منهم أسماء معروفة من جماعة الإخوان المسلمين الذين غادروا مصر في 54 / 1955 وكونوا ثروات هائلة في السعودية
ودول الخليج.
وبعد الحملة التي شنها الإعلام الأوربي على هذا البنك بحكم دعمه
للإرهاب تمت تصفيته، غير أنه كان حينها يلفظ أنفاسه الأخيرة باعتبار أنه نموذج من
نماذج الأبناك الإسلامية التي تحصر نشاطها في ميدان واحد، في هذا الإطار يحكي
القرضاوي ما يلي : «بنك التقوى، أنا رئيس هيئة الرقابة الشرعية لهذا البنك، كان
أنظف البنوك الإسلامية من ناحية معاملاته، كان أحرص على الالتزام بالمعاملات
الشرعية ولم يدخل في أية معاملة فيها شبهة، حتى المرابحات التي يساء تطبيقها كثيرا
في البنوك الإسلامية تنزه عنها، حتى سوق السلع والمعادن لم يدخل فيها، هذا البنك
شنت عليه الحرب منذ عدة سنوات، شنها الإعلام الغربي والأوربي في سويسرا وفي
إيطاليا وفي غيرها، الصحف والإذاعات والتلفازات شنت عليه الحرب، لا لشيء إلا لأن
القائمين عليه ملتزمون بالإسلام، وخسر البنك وكان يمكن أن يقف على قدميه، ولكن
الحملات المتتالية استغلت هذا الأمر حتى سقط البنك صريعا، وحول إلى التصفية، الآن يضعونه
على قائمة الإرهاب ...». (القرضاوي، أبعاد الحملة الأمريكية على العالم الإسلامي، ص.
38-37).
هناك ملاحظة أولية حول كلام القرضاوي بخصوص تنزه البنك عن
التعامل بالمعاملات التي فيها شبهة، بل حتى المرابحات ابتعد عنها، وهذا في حد ذاته
إدانة من القرضاوي - وشهد شاهد من أهلها- بأن البنوك الإسلامية تتعامل بتعاملات
فيها شبهة، ومع أنه رئيس الرقابة الشرعية في العديد منها، أما كان الأولى به أن
ينهى ويبتعد وينأى عن هذه البنوك خصوصا وأنه ممن يرون بضرورة الابتعاد عن الشبهات.
أما الملاحظة الثانية المنبثقة عن الأولى فهي : إذا لم يكن البنك يتعامل
بالمرابحات فبماذا يتعامل ؟ هل يتعلق الأمر بتجارة العملة ... ثم لماذا بالذات جزر
الباهاما حيث لا يوجد المسلمون، ولنوضح الصورة نستشهد بكلام من مقال لأبي خالد
يتحدث فيه عن بنك التقوى وجزر الباهاما كالتالي: «دولة الباهاما تتكون من مجموعة
من الجزر الصغيرة (700 جزيرة) وعدد سكانها لا يزيد عن 270000 نسمة، وتقع في المحيط
الأطلنطي ما بين الساحل الشرقي للولايات المتحدة وكوبا، والإحصاءات الرسمية
الدولية لا تظهر أي وجود للمسلمين في الباهاما ... وتلك الجزر النائية تمتاز -إلى
جانب جمال الطبيعة- بأنها مقر سياحي لأغنياء العالم لما تقدمه من خدمات تنهار أمامها
كل القيم والأخلاق .. وبجانب السياحة تتميز الباهاما أيضا بأنها مقر للمصارف التي
تضارب في الأعمال المشروعة وغير المشروعة .. منافسة في ذلك هونغ كونغ وبانكوك ..
وكذلك فإن تجارة المخدرات التي تتحكم في تلك المنطقة من العالم مقرها الباهاما.
وفي وسط هذا الجو ترتفع يافطة كبيرة تعلن عن «بنك التقوى» وعلى
صفحات الجرائد العربية والأجنبية إعلانات مطولة تزف «بشرى اقتصادية للمسلمين» !!
وهي إنشاء هذا المصرف «التقوى» برأس مال قَدْرُهُ 50 مليون دولار أمريكي ... وأن
هذا المصرف أسس خصيصا للقيام بالعمليات المصرفية «الإسلامية التي لا تتنافى مع
الشريعة» !! ومن ضمن تلك الأعمال -كما جاء في الإعلانات- تجارة العملة !!».
(أبو خالد،
التقوى في جزر الباهاما، مجلة رسالة الجهاد: تصدرها جمعية الدعوة الإسلامية
العالمية ، السنة السادسة، نونبر 1987، ص. 60).
كم يا ترى هي متشابكة خيوط تجار العملة وتجارة المخدرات
والسياحة الجنسية، وتجار السلاح والإرهاب ؟
* نشر الجزء الرابع بجريدة الأحداث المغربية يوم السبت 5 غشت 2006
ليست هناك تعليقات:
إرسال تعليق