أعطاب حركة 20 فبراير:
مقتطفات من مذكراتي في الحركة 5/6
عبد الواحد بنعضرا
5ــ
النواة الصلبة
كان
هناك غض للطرف، عن هذا الأمر عندما بدأ وذلك لأن الحركة تريد تحصين نفسها من
المخزن، غير أنه مع توالي الأيام أصبحت الطريقة التي تفرض فيها القرارات من فوق
على الجمع العام، الذي أصبح صوريا، تطرح العديد من الأسئلة، خاصة عندما أصرت
مكونات النواة الصلبة على عدم الدخول في أي نقاش فكري أو سياسي، إذ كان منعم أوحتي
يردد في الجموع العام: أن أي نقاش هو ترف فكري... بل إن الأمر وصل بجماعة العدل
والإحسان إلى أنها أرادت أن يخرج اليوم الدراسي ل 4 شتنبر 2011، برفض أي نقاش فكري
أو سياسي داخل الحركة، حيث وضعت فعلا في بادئ الأمر عبارة "الحركة ليست فضاء
للنقاش الفكري والسياسي" قبل أن يتم تعديلها بعد احتجاج كبير في اليوم
الدراسي (من طرفي شخصيا بشكل كبير حوالي الواحدة صباحا وبعد اتصالات في اليوم
الموالي مع نبيل بلالة ومع حسني مخلص ثم اتصال نبيل بلالة بسارة سوجار وبمنعم
أوحتي...) وفي الجمع العام الذي تلاه من طرف مناضلين آخرين أيضا...
ستوجه
سهام النقد بشكل حاد للنواة الصلبة من طرفي ومن طرف بعض أعضاء لجنة الإعلام، وستكبر
حدة الانتقاد بعد أن ابتعدت بعض العناصر (سراج الدين موسى وعبد الطيف قريش من
جمعيات المدينة القديمة المستفيدة من ريع المبادرة الوطنية للتنمية البشرية...)
حيث انضم لنا في هذا الأمر اتحاديو 20 فبراير (بتنسيق مع حسام هاب ووحيد مبارك)
ومجموعة من أعضاء أطاك وبعض أعضاء الحزب الاشتراكي الموحد ... في لحظة تميزت
باقصاء يوسف مزي، الذي شكل همزة وصل بين مختلف الفرقاء، وكان رجلا يحظى بالإجماع
في لحظة من اللحظات، قبل أن يقلب له رفاقه قبل خصومه ظهر المجن، وتلك قصة أخرى.
فما
ترددت في إثارة موضوع النواة الصلبة في كل جمع عام للحركة، أو أي محفل يناقش فيه
موضوع الحركة (ندوات رمضان / 2011 نموذجا)، وكنت أقول أن أمراض الأحزاب تسربت
للحركة، إذ بات مطلوبا منا السمع والطاعة والموافقة على أي قرار ينزل من طرف
النواة الصلبة، حيث بات واضحا أن العلاقة التي تحكم أعضاء الحركة هي علاقة الشيخ
والمريد، تحت شعار: وافق، أونافق، أو فارق (اقتسبت هذا الشعار من السياسي والكاتب
محمد الميلي).
وقد
كانت النواة الصلبة تتكون من عضوين عن كل هيئة داعمة، الطليعة، النهج، الاشتركي
الموحد، العدل والإحسان، ثم أطاك، وتعقد اجتماعات يتقرر فيها جدول أعمال الجمع
العام، ومكان الخروج... ويتم إبلاغ القررات عن طريق اجتماعات تعقدها مكونات
الأحزاب، التي تتدوال كيفية تصريف القرارات داخل الجموع العامة. مع الإشارة إلى أن
اجتماعات النواة الصلبة هي اجتماعات تقنية، للنقاش في كيفية تفعيل ما اتفق عليه
بعض قيادات الهيئات سالفة الذكر، وكان التنسيق وطنيا، يتم إما بين العدل والإحسان
وبعض قياديي الحزب الاشتراكي الموحد، أو بين العدل والإحسان والطليعة. وفي الدار
البيضاء، خاصة، كان هناك تحالف قوي بين الطليعة والعدل والإحسان أضر كثيرا
بالحركة.
من أجل
ما سبق، تحوّل الجمع العام إلى جمع صوري، رغم ما كان يقال، من أن الجمع العام سيد
نفسه، وبقدرة قادر، أصبح الجمع العام جمعا تقنيا، لا يناقش إلا الخروج إلى هذا
الحي أو ذاك، وأصبح من الصعب طرح أي فكرة للنقاش.
كتبت
ذات مرة في الفايسبوك مقالا، عنونته ب: "واسمع صوت العقل"، حيث قلت في
بعض فقراته: "إن الحركة مطالبة بالنفس الطويل إنها حركة ستناضل سنوات وسنوات،
وإذا كان الأمر كذلك ففيم استنزاف الجهود
في الخروج كل أسبوع؟ لعل فيما قاله السرفاتي ذات يوم وجه من الصواب، عندما قال على
المناضل أخذ فترة من الراحة حينا بعد حين وقسطا للتأمل، لعله يسترجع إنسانيته،
ولعل النضال يصبح نضالا إنسانيا، ولعل المناضل يرتكب أخطاء أقل. لعلنا اليوم في حاجة للاستماع إلى صوت العقل لا
السقوط في فخ الشعبوية و"التجذر" من أجل "التجذر" نحتاج إلى
جلسات لتقييم ما فات والتخطيط لما هو آت. ونجاح كل هذا رهين بإشراك الجميع، والأمر
لا يتطلب مصباحا سحريا، إنه يتطلب فقط أن ننصت لبعضنا البعض، وأن تكون قراراتنا
نابعة من تفكير جماعي لا يقرر فيه من يملك القدرة أكثر على الكولسة أو القدرة على
فرض آرائه بالقوة العددية، ولكن يتخذ القرار حسب الآراء الأنضج ولو كانت فكرة
الأحاد من الناس، وكم من فكرة نطبل لها، لم يؤمن بها إلا أفراد في بداية الأمر ثم
وجدت من ينافح عنها لاحقا، فأهمية الأفكار ليس بعدد من تبناها ولكن بمدى جديتها
ونضجها، من أجل تكريس الديمقراطية داخل الحركة" (منشور يوم الأربعاء 17 غشت
2011).
بعد خروج العدل والإحسان من الحركة، انتهت مرحلة نواة
صلبة، وبدأت مرحلة نواة صلبة جديدة، ولكنها واكبت أفول الحركة.* نشرت هذه الحلقة بجريدة الأحداث المغربية يوم السبت/الأحد 23/22 فبراير 2014
ليست هناك تعليقات:
إرسال تعليق