أعطاب حركة 20 فبراير:
مقتطفات من مذكراتي في الحركة 2/6
عبد الواحد بنعضرا
2ــ
قيادات مزيفة وحسابات ضيقة
لعب
الإعلام دورا كبيرا في إبراز بعض أعضاء حركة 20 فبراير، على أساس أنهم قياديو حركة
20 فبراير. والذين عايشوا تلك الفترة يعلمون أن مجموعة من الأسماء دُفعت دفعا
لتكون في الواجهة الأمامية، وفي مقدمة الصورة، حتى تعطي الانطباع أن حركة 20
فبراير حركة شبابية، في عزّ الحديث عن "ثورات الفايسبوك الشبابية"، فلا
غزلان بنعمر، ولا سارة سوجار، ولا أحمد المدياني، ولا هدى الساحلي، ولا حمزة
محفوظ... كان لهم من الأمر شيء. والقول بأن 20 فبراير هي وليدة الفايسبوك، هذا
مجرد تماهي مع الموجة. ما رأيته يجعلني أقرّ بأن الفكرة وليدة تنسيق بين أحزاب
اليسار. أما هاته الأسماء وغيرها، فقد تم الزج بها، كما قلت، في الواجهة الأمامية،
حتى لا يقال بأن حركة 20 فبراير حركة يسارية، خصوصا مع جهل الكثيرين بالانتماءات
السياسية لهؤلاء الشباب، بالتركيز على أنهم أبناء العالم الافتراضي/الفايسبوك،
والغرض من كل هذا حمل المغاربة على الخروج مع الحركة، وقد شكّل التحاق جماعة العدل
والإحسان لبنة أخرى في تأكيد هذه الفكرة، بكون الحركة تتسع لكل ألوان الطيف.
ما لم
يكن في حسبان من خطط ودبر وفكر، أو ربما كان، أن جزءا من الشباب الذين صُدرت
وجوههم في الصفوف الأمامية للمشهد، فهموا اللعبة، وأجادوا لعب الدور، وتقمصوا دور
البطولة والقيادة، بل إن منهم من كان يقدم نفسه للصحافة تحت مسمى: "قيادي في
20 فبراير"، وعملوا على استثمار اللحظة وانتهاز الفرصة، بتحويل الرأسمال
الرمزي (المختلق) إلى رأسمال مادي.
لقد
تحولت الحركة إلى ميدان للحسابات الضيقة وتحقيق المآرب والأغراض الشخصية. إذ كنا
نعاين باستمرار كيف يقوم البعض بإدخال الحركة في متاهات عديدة، فقط كيما يحصل على
مكسب صغير، لا يتفق وحجم الحدث. فأحدهم كان يريد أن يصبح نقيب هيئة المحامين
في الدار البيضاء، فرهن الحركة لخدمة جماعة العدل والإحسان، وفضحتُ هذا الأمر في
الجمع العام ليوم الأربعاء 25 يناير 2012؛ حيث قلتُ: "الذين يظنون أنهم
سيصبحون أبطالا وسيدخلون التاريخ، كثير منهم سيرمى في مزبلة التاريخ، الذي باع
الحركة لهيئة من أجل أن يصبح نقيبا لهيئة سيرمى في مزبلة التاريخ".
وآخر كان يعمل سمسار انتخابات، فكان يعبئ
الحركة لتخرج إلى حي معين، فقط لكي يضرب بعض المنتخبين خدمة لولي نعمته، والبعض
كان يصفي حساباته مع خصومه في الحزب بالاستقواء بالحركة، وآخرون كانوا يصفّون
حساباتهم مع القناة الثانية، والبعض الآخر كان يبيع ويشتري في الحركة بوضوح تام. بل
إن البعض منهم عمل على القيام باعتصام يوم 24 أبريل 2011، كي يبرر للجهات الأجنبية
المانحة، التي تعنى بالديمقراطية وبحقوق الإنسان، المقابل المادي الذي يحصل
عليه...إلخ.
بمعنى
آخر، أصبحت الحركة مفتوحة للانتهازيين من كل حدب وصوب، لا يتطلب الكشف عن حقيقتهم انتظار
سنوات، فهم انتهازيون جاهزون.
أذكر،
في هذا الصدد، ما دار بيني وبين غزلان بنعمر، بحضور أحمد دابا، بمقهى هارون الرشيد
بمدينة الرباط، قرب محطة القطار؛ يوم الخميس 6 شتنبر 2012، حيث جلسنا لتناول
الغذاء من الساعة الواحد و25 إلى الساعة الثانية و5 دقائق زوالا، وكنت قد أثرت
موضوع سرقة أجهزة لجنة الإعلام؛ فقالت لي بأنها : "يوم 23 أو 24
أبريل أعطت 5000 درهما للجنة الإعلام ، وقريبا من ذلك التاريخ، أعطت 25 ألف درهم
لكل من يوسف مزي، حسن ظفير، مصطفى واد، وهدى الساحلي، لحاجيات لجنة الإعلام بحركة
20 فبراير، وأنها لا تعرف مصيرها". وهي هنا تشير إلى أموال كريم التازي
المقدمة للجنة الإعلام. قالت لي: "التاريخ سينصفني". أجبتها: "التاريخ
ينصف وينسف". ما يهمني أنني تحفظت على دخول المعني بأمر السرقة للحزب الاشتراكي الموحد،
ففاجأتني بجوابها الذي أيده أحمد دابا، بأن ما وقع يُعد من الماضي. قلت لهما، بل
إنه جزء من الحاضر، والسارق سارق.
ما ذكرته هنا قطرة في بحر، وغيض من فيض.*نشرت الحلقة الثانية بجريدة الأحداث المغربية يوم الثلاثاء 18 فبراير 2014
ليست هناك تعليقات:
إرسال تعليق