الجمعة، 1 أغسطس 2014

أعطاب حركة 20 فبراير: مقتطفات من مذكراتي في الحركة 6/6، بقلم عبد الواحد بنعضرا*



أعطاب حركة 20 فبراير:
مقتطفات من مذكراتي في الحركة 6/6
عبد الواحد بنعضرا
6ــ جماعة العدل والإحسان وعدم وضوح المطالب
سبق أن أشرت لما قاله علي بن جلون: "جامعين الناس على حاجة كبيرة" ! كنت أتمنى أن يوضح العدليون ماذا يقصدون بالحاجة الكبيرة. لأن السؤال البديهي؟ ما هو الهدف من تواجد العدل والإحسان في حركة نادت بالملكية البرلمانية في بدايتها؟ مع العلم أن مرجعية مشروع العدل والإحسان الدينية مختلفة تماما عن مرجعية الملكية البرلمانية المدنية.
هناك تجارب عدّة تجعلنا لا نثق بمن يبشرنا بمثل هذه المشاريع. وقد ازداد التخوف مع أخذ الجماعة في بسط هينتمها على الحركة، في الدار البيضاء، بمباركة أعضاء من حزب الطليعة، وموافقة أحزاب أخرى أو صمتها. فما كان منا إلا أن أخذنا نطرح مطالب الحركة في الجموع العامة من أجل توضيحها وتدقيقها، وكذلك فعلنا في مواطن عدة. وعلى سبيل المثال لا الحصر، قلت في الجمع العام ليوم 14 يوليوز 2011، إنني مع الملكية البرلمانية، ولكنني أحترم وجهة نظر القائلين بدستور ديمقراطي شعبي، ولكن أطالبهم بملئه بالمضمون، حتى نفهم عن أي شيء يتحدثون، ونفهم متى يمكن القول أن مطالب الحركة قد تحققت أم لا، وإلا فإن أي طرف من الممكن أن يغادر الحركة في أي وقت مدعيا بأن مطلبه قد تحقق.
كانت جماعة العدل والإحسان حريصة على ضبابية المطالب وبقائها غامضة ملتبسة. في الندوة التي نظمها حزب الطليعة بالمركب الثقافي زفزاف، في ليلة رمضانية يوم 26 غشت 2011، كان من بين المتدخلين، عمر إحرشان (القيادي في العدل والإحسان)، حيث أكّد أن الجماعة مع الديمقراطية ومع المجتمع المدني، في تعقيبي على كلامه، ذكّرت بتحفظات عبد السلام ياسين حول المجتمع المدني والديمقراطية، حيث قرأت بعض نصوصه. قلت لإحرشان، إنكم تغتصبون المفاهيم. عندما هممت بالخروج من المركب، لحق بي هشام الشولادي (من العدل والإحسان)، وقال لي إننا ملتزمون بمطالب الحركة، فلماذا تصرون على المطالبة بتدقيقها. قلتُ له: هل أنتم ضد الاستبداد؟ قال لي: نعم. فسألته: هل أنتم ضد استعمال الدين في السياسة؟ قال لي: كيف؟ قلت له: أنا أعتبر أن من أخطر أنواع الاستبداد استعمال الدين في السياسة والتخفي وراءه. فقال: أنت تعرف مواقفنا، ولن نغيرها. قلت له: انتهى الكلام، الأمور واضحة.
وكان همّ العدليين، الحقيقي، غير مرتبط بإقامة نظام ديمقراطي، بل إنهم ما فتئوا يثيرون مسألة "إمارة المؤمنين"، وطبعا هناك كتابات عديدة نبهت إلى أن رغبة عبد السلام ياسين في الهيمنة على الحقل الديني في المغرب تصطدم بترأس الملك في المغرب لهذا الحقل. وتلك قصة أخرى. وبالتالي فإن إزالة هذه الصفة عن الملك، في نظر العدليين، هي الطريق لتحقيق الهيمنة.
أما إزالة القداسة عن الملك، فقد كانت محط إجماع جميع مكونات الحركة، ولكنني أنبه هنا، فقط للمفارقة التي يعيش فيها العدليون، ففي الوقت الذي يطالب فيه العدليون، أيضا، بإزالة القداسة عن الملك، فهم يتشبتون بتقديس مرشدهم عبد السلام ياسين، وهذا ما قلته بوضوح في اجتماع للجنة الإعلام، يوم 23 أبريل 2011 بمقر الكنفدرالية، موجها الكلام لعضوين من لجنة الإعلام، من جماعة العدل والإحسان، محمد معناوي، الذي كان معروفا بوجدان رواحل، والزهرة بلعودي.
وفعلا ازدادت حدة التوتر، بيني وبين العدل والإحسان من جهة، ومن جهة أخرى بين لجنة الإعلام والنواة الصلبة، في سياق المطالبة بتوضيح المشترك وتدقيق المطالب، حتى لا ندخل دائرة مغلقة. وبالتنبيه على أن ممارسة السياسة يختلف كثيرا عما تفعله الحركة مجسدة في ممارسات النواة الصلبة فالسياسة هي فن الممكن.
بيد أن الأيام حملت معها عمل الجماعة على بسط هيمنتها على الحركة، باستمالة بعض المعارضين، وشراء ذمم البعض منهم، وخاصة الشباب، وتكريس الاستبداد داخل الحركة نفسها، وهذه مواضيع سنعود لتفصيل الحديث عنها في فرصة قادمة.
7ــ خلاصات من وحي المقتطفات
أرجو أن تكون هذه المقتطفات قد فتحت شهية الفاعلين في 20 فبراير، لنشر مذكراتهم، لعل الرؤية أن تزيد وضوحا، فكما أسلفت، فإني لا أدعي معرفة الحقيقة كاملة، ولا أملك الادعاء بأن ما قلته يمكن تعميمه كاملا على المغرب، ولكن هذه محاولة تروم تصحيح بعض الأفكار الخاطئة أو المشوشة عن الحركة، على الأقل في الدار البيضاء. كما تبغي من جهة أخرى، طرح قضية، طالما تم تناسيها، وهي وسيلة التغيير ! أقول هذا الكلام لأن مجموعة من الأحزاب ذات التوجه اليساري، تناست في غمار نشاطها داخل حركة 20 فبراير، أنها اختارت الاشتغال من داخل المؤسسات كوسيلة للتغيير. ومن تم صارت المقاطعة هي ديدنها. لطالما قلت في الجموع العامة لشهر يوليوز 2011، أن من يريد الثورة فعليه حمل السلاح وصعود الجبل، ومن يريد أن يقوم بالدروشة فعليه حمل سبحة، وأن يردد مئة مرة: أنا زاهد، أما من يريد ممارسة السياسة فالسياسة هي فن الممكن.
ومن بين الأعطاب التي يجب إصلاحها في هذه الأحزاب: بنية الاستقبال والتأطير السياسي، إذ انكشف بوضوح ما يعانيه بعض شبابها من أمية سياسية، ظهرت واضحة في خرجاتهم الإعلامية، وفي نقاشاتهم، إبان حركة 20 فبراير.
كما أسعى لتنبيه أحزاب اليسار إلى تكرارها لنفس الأخطاء، بخلق تحالفات غير واضحة البرامج، وفي غياب المشترك مع توجهات أخرى، وهنا أستحضر ما كان يقوله المصطفى بوعزيز، نقلا عن رينيه غاليسو، أن الحركة الاجتماعية التي لا تملك برنامجا تتحول إلى وجدان اجتماعي، يخرج فيفجر غضبه، ثم يعود دون أن يحقق شيئا يذكر، بل إنه ينبه النظام الحاكم إلى أعطابه فيصلحها ويزداد قوة.

ختاما، أقول قد كان فضل 20 فبراير علينا كبيرا، ولعلها فتحت أعيننا على أشياء لم تكن لدينا بها معرفة، ويحسب لها أن أخرجت للمغاربة دستورا، بالرغم مما قيل عنه، فإنه يحسب للحركة، ولكن الحركة والهيئات الداعمة لم تحسن استثمار اللحظة، وتلك قصة أخرى.

 

* نشرت هذه الحلقة الأخيرة من المقتطفات بجريدة الأحداث المغربية يوم الاثنين 24 فبراير 2014

ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق