البنوك الإسلامية
3/10
عبد الواحد بنعضرا
5ـ حركة الإخوان المسلمين ونشأة البنوك الإسلامية
عاملان أساسيان ساهما في ظهور شركات توظيف الأموال :
- الثروات الهائلة التي راكمها أعضاء من حركة الإخوان المسلمين منذ الخمسينيات والستينيات في السعودية وغيرها من دول الخليج، وأيضا ما حققه بعض العمال المصريين في دول الخليج من مدخرات كانوا يبحثون عن إمكانية لاستثمارها أو تنميتها في مصر حين عودتهم.
- غير أن العامل المهم الذي ساهم أيضا في انتشار الظاهرة هو الغطاء الأدلوجي المتمثل في التركيز على أن شركات توظيف الأموال تتعامل حسب الشريعة عكس «التعامل الربوي» الذي تتعامل به البنوك التقليدية، وقد شكلت مجلة الدعوة -التي تصدرها حركة الإخوان المسلمين- دورا في ذلك، ويذكر جيل كيبل أن الإعلانات التي تنشر في المجلة كانت موزعة كالتالي : «وقد اشترت ما يقرب من خمس المساحة الإعلانية شركات يمكن تصنيفها كشركات قطاع عام، يديرها موظفو الدولة، ونصف الأربعة أخماس الباقية قدمها ثلاثة معلنين فقط : الشريف للبلاستيك، وشركة مسرّة للمقاولات، ومودرن موتورز وهم مستوردون للسيارات اليابانية، وهذه الشركات الثلاث يمتلكها إخوان مسلمون كونوا ثرواتهم في المملكة العربية السعودية خلال الأعوام الثلاثين السابقة واستثمروها بشكل مكثف في مصر منذ عام 1975، خاصة في قطاع الاستيراد والبضائع الاستهلاكية، الأمر الذي مكنهم من تكديس أرباح لا يستهان بها بسرعة كبيرة دون أن يتقيدوا بتوظيف جزء كبير من رأسمالهم في المعدات الثقيلة». (جيل كيبل، الفرعون والنبي، من ط دار الكتاب، بيروت، ص. 132).
- الثروات الهائلة التي راكمها أعضاء من حركة الإخوان المسلمين منذ الخمسينيات والستينيات في السعودية وغيرها من دول الخليج، وأيضا ما حققه بعض العمال المصريين في دول الخليج من مدخرات كانوا يبحثون عن إمكانية لاستثمارها أو تنميتها في مصر حين عودتهم.
- غير أن العامل المهم الذي ساهم أيضا في انتشار الظاهرة هو الغطاء الأدلوجي المتمثل في التركيز على أن شركات توظيف الأموال تتعامل حسب الشريعة عكس «التعامل الربوي» الذي تتعامل به البنوك التقليدية، وقد شكلت مجلة الدعوة -التي تصدرها حركة الإخوان المسلمين- دورا في ذلك، ويذكر جيل كيبل أن الإعلانات التي تنشر في المجلة كانت موزعة كالتالي : «وقد اشترت ما يقرب من خمس المساحة الإعلانية شركات يمكن تصنيفها كشركات قطاع عام، يديرها موظفو الدولة، ونصف الأربعة أخماس الباقية قدمها ثلاثة معلنين فقط : الشريف للبلاستيك، وشركة مسرّة للمقاولات، ومودرن موتورز وهم مستوردون للسيارات اليابانية، وهذه الشركات الثلاث يمتلكها إخوان مسلمون كونوا ثرواتهم في المملكة العربية السعودية خلال الأعوام الثلاثين السابقة واستثمروها بشكل مكثف في مصر منذ عام 1975، خاصة في قطاع الاستيراد والبضائع الاستهلاكية، الأمر الذي مكنهم من تكديس أرباح لا يستهان بها بسرعة كبيرة دون أن يتقيدوا بتوظيف جزء كبير من رأسمالهم في المعدات الثقيلة». (جيل كيبل، الفرعون والنبي، من ط دار الكتاب، بيروت، ص. 132).
وهنا نسجل
ملاحظة مهمة أن شركة الشريف - والتي تعتبر أول شركة توظيف الأموال/بنك إسلامي في
مصر- كانت متخصصة في البلاستيك، فكيف تحولت فيما بعد إلى شركة لتوظيف الأموال ؟
ويفترض فرج فودة أنه ربما : «كان صاحب الشركة متحرجا من الاقتراض البنكي، ولعله،
وهذا ما أظنه، كان مدركا أنه على وشك أن يصبح المنتج القائد للسوق في مجال
البلاستيك، وهو ما يتيح له وضعا قياديا يمكنه من فرض الأسعار والتحكم في الخامات،
وتحقيق أرباح غير اعتيادية، ولم يكن يعوزه إلا تدفق الأموال للتوسع، فلجأ إلى هذا
الأسلوب، ويقال إن أحد شركائه ومدير حساباته بأنه كان صاحب الفكرة، ثم صاحب فكرة تطويرها
بعد انفصاله عن الشريف». (فرج فودة، الملعوب، قصة شركات توظيف الأموال، الهيئة
المصرية العامة للكتاب، 1992، ص. 29).
وبمعنى آخر فإن فودة يحتمل أن الشريف كان يبحث عن رأسمال إضافي
من أجل التوسع وبالتالي فإن الشركة أصلا لم يكن مخططا لها أن تكون «بنكا إسلاميا».
وإذن فلقد جدت في الأشياء أشياء جعلت هذه الشركة تتخذ لها شكلا جديدا ولربما كان
الكم الهائل من الودائع التي وضعها المودعون تحت تصرف الشريف وراء هذا المنحى
الجديد للشركة ؟ بيد أن هذا ليس إلا شقا واحدا، إذ أن هناك شقا آخر يتعلق بشركة
أخرى كان لها الأثر الكبير في المنحى الذي أخذته شركة الشريف للبلاستيك فيما بعد...
6ـ إفلاس الجيل الأول للبنوك
الإسلامية
في الوقت الذي كان فيه نجم الأشقاء الثلاثة فتحي وأحمد ومحمد
توفيق يلمع في تجارة العملة، كانت رغبتهم وحاجتهم قوية للتعامل خارج الأبناك
التقليدية تفاديا لمراقبة الأجهزة الحكومية واجتنابا لمصادرة أرصدتهم، تأتي الإخوة
توفيق فرصة كبيرة خصوصا بعد انفصال أحمد عبيد الخبير الأول في مجال التوظيف عن
شريكه الشريف، لتحقيق ذلك، يقول فرج فودة : «ووقتها كان هناك فتى صغير متخرج حديثا
من معهد التعاون التجاري، استطاع أن يقترب من الحاج فتحي، ونال ثقته في نقل
الأموال وفي إجراء الصفقات المحدودة، وكان اسمه أشرف سعد، وبالتقاء آل توفيق مع
المدير السابق لحسابات الشريف وبمراجعة الدروس المستفادة من التجربة السابقة بدأت
العجلة في الدوران السريع على أسس جديدة». (فرج فودة، الملعوب، ص. 25).
وهكذا صار تجار العملة - الإخوة توفيق- أصحاب «بنك إسلامي» يحمل
اسم الريان، سيؤثر في شركة الشريف وباقي شركات توظيف الأموال التي سيتوالى ظهورها
في بداية الثمانينيات من القرن الماضي وعلى رأسها شركة السعد التي ظهرت بعد انفصال
أشرف سعد -الفتى الذي ذكره فودة- عن شركة الريان لتصير هاتان الشركتان-السعد
والريان- أكبر شركات توظيف الأموال في مصر في القرن الماضي ... وبعد الودائع
الهائلة والأرقام الضخمة التي حققتها هذه الشركات/الأبناك ستأتي مرحلة الكسوف
والإخفاق خصوصا بعد أن اتخذت الدولة المصرية إجراءات تخص الحد والتضييق على
الاتجار في العملة، وهو ما أدّى في النهاية إلى إعلان كثير من هذه الشركات للإفلاس
وهروب أصحابها إلى الخارج حاملين معهم مبالغ ضخمة - مثلا في سنة 1987 هرب صاحب
شركة الهلال إلى أمريكا حاملا معه 100 مليون جنيه مصري من أموال المودعين-،
ونتساءل ولكن لماذا تأثرت هذه الأبناك بالقوانين الخاصة بالاتجار بالعملة وأعلنت
إفلاسها، مع العلم أن الأبناك بمختلف أشكالها نادرا ما تصل إلى درجة الإفلاس، يقول
العشماوي : «قامت مؤسسات على إصدار صكوك للمضاربة بدلا من شهادات الاستثمار، قولا
بأن هذه الصكوك هي التي توافق النظام الإسلامي، والحقيقة أن لا فارق بين صكوك
المضاربة وشهادة الاستثمار إلا تغيير الاسم الذي يقصد به التأثير على مشاعر
الجماهير، فطبيعة الاثنين واحدة وحقيقة الحال أنه لا المؤسسة التي تصدر الصك ولا
تلك التي تصدر الشهادة يمكن أن تفلس في النظام المصرفي الحديث، كما أن تغير نسبة
الفائدة من عام إلى عام لا يعني الاشتراك الواقعي في الأرباح والخسائر، لأن البنوك
المعاصرة لا تخسر على العموم، وإن خسرت ففي نشاط واحد ودون باقي الأنشطة التي تعوض
الخسارة». (محمد سعيد العشماوي، جوهر الإسلام، ص. 88).
معنى هذا أن هذه الشركات قد حصرت نشاطها في ميدان واحد هو تجارة
العملة والمضاربة في أسعار المعادن والمواد الغذائية دون أن تكون لها نشاطات
استثمارية إنتاجية -مدروسة بواسطة كفاءات متخصصة- تغطي على خسائرها إذا حدث ما حدث
ووقعت الواقعة ... وتبقى الإشارة إلى أن هذه الشركات كانت تستفيد من تحويل الأموال
المودعة لديها بالجنيه المصري إلى الخارج فتحويلها في الأبناك «التقليدية» إلى
عملات أجنبية ثم الاستفادة من ارتفاع قيمة العملة الأجنبية سنويا مقابل انخفاض
العملة المحلية مما يعني أنه في حالة إعادة تحويل الأموال الأجنبية إلى العملة
المصرية سيربح البنك عددا أكبر من الجنيهات تبعا لظاهرة التضخم وانخفاض قيمة
الجنيه أمام العملات الأجنبية سنويا، وهذا ما يدفعنا إلى التساؤل عن كيفية استفادة
الجيل الثاني للأبناك الإسلامية من أخطاء الجيل الأول وجعله يستمر وينتشر عالميا ؟
* نشر الجزء الثالث بجريدة الأحداث المغربية يوم الجمعة 4 غشت 2006
ليست هناك تعليقات:
إرسال تعليق