ملاحظة: نشرت هذا المقال، والذي كتبته إلى جانب مقالات أخرى، في سياق توظيف جريدة التجديد وحزب العدالة والتنمية للتسونامي الذي عرفه جنوب شرق آسيا، جاعلة مما وقع علامة على غضب من الله وأن ما أصاب القوم عقاب إلهي. تناولت في هذا المقال الطوفان من جوانب متعددة.. ونبهت إلى أن عدم الربط بين الظواهر وأسبابها الطبيعية يسمح بالتنصل من المسؤولية حتى من قِبل مرتكبي الأعمال الإرهابية، بدعوى أن لا فاعل على الحقيقة إلا الله
طوفان العقول وزلزالها
طوفان العقول وزلزالها
عبد الواحد بنعضرا
هبت
العاصفة كلها دفعة واحدة
ومعها
انداحت سيول الطوفان فوق
[وجه
الأرض]
ولسبعة
أيام وسبع ليال
غمرت
سيول الأمطار وجه الأرض
ودفعت
العواصف المركب العملاق فوق
المياه
العظيمة
(من
نص سومري)
1- توطئة:
بعد حديثه ونقاشه للطوفان السومري والطوفان البابلي
والتوراتي، أبرز فراس السواح أن هذه القصص قد لعبت في العهود القديمة ما لعبته
المأساة على المسرح في العالم الكلاسيكي فيما بعد، أي بمثابة تطهير للمشاعر وتنفيس
لكل أنواع العنف، ثم قال: "وفي نطاق التفسير التاريخي والإيتولوجي، ربما كانت
هذه الأساطير تبريرا وتعليلا، لكوارث حقيقية حلّت بالإنسان، وحار في أسبابها
ودواعيها وأغراضها، فجاءت الأسطورة تروي تساؤلاته فهذه الأسطورة سومرية تعزو دمارا
حلّ بالبلاد إلى انتقام الآلهة أنانا من بستاني اغتصبها، وهذه أسطورة بابلية تعزو
العواصف التي اجتاحت البلاد طولا وعرضا، إلى غضب إله العاصفة إنليل، وأخرى تعزو
انتشار المرض الفتاك إلى إله الطاعون إيرا الذي يستفيق من كسله بين الآونة والأخرى
ليمارس مهامه في نشر الأوبئة والأمراض السارية" (فراس السواح، مغامرة العقل
الأولى، دار الكلمة للنشر، بيروت، 1980، ص. 156).
2- روية انثربولوجية:
حاول الإنسان منذ القدم تفسير نشأة الزلازل وأسباب
حدوثها ليهتدي إلى معرفة القوى المتسببة في تدمير منشآته فوق سطح الأرض، وكان
الإنسان في بداية العصور التاريخية يعتقد بأن الأرض مثبتة فوق حيوان ضخم، ونتيجة
لتحرك جسم هذا الحيوان ببطء تحدث الهزات الزلزالية في الأرض، فكان اليابانيون
يعتقدونه عنكبوتا ضخما يحمل الأرض بين طيات نسيجه، وظنه الصينيون حوتا ضخما، كما
اعتقدت جماعات اللاماس (Lamas) في منغوليا بأن الله بعد أن خلق
الأرض ثبتها فوق ظهر ضفدعة عظيمة الحجم، وفي كل مرة عندما تحرك الضفدعة رأسيها أو
قدميها تتعرض الأرض لحدوث الهزات الزلزالية، بينما كان الهنود يعتقدون الأرض
محمولة على ظهر سلحفاة هائلة الحجم، وفي القبائل الأمريكية أنها محمولة على ظهر
ثعبان كبير، أو على ظهر فيل بالنسبة لقبائل جنوبي شرقي آسيا..
إن ارتباط الفيضانات الكبيرة والتيارات البحرية الشديدة
مع زلازل عنيفة في قاع المحيط هو الذي دفع بعض الجيوفيزيائيين إلى الاعتقاد بأن
الفيضانات التي ضربت بلاد الرافدين قديما استمدت قوتها من زلزال عنيف وقع بالخليج
الفارسي، وقد كان الدمار مَهُولا فأنطقت الخيال بحكايات وقصص الطوفان. في هذا
الإطار يقول فاضل علي عبد الواحد: "وهذه الظاهرة الطبيعية المروعة التي لم
يستطع الإنسان في وادي الرافدين السيطرة عليها بوسائله المتوفرة آنذاك، كانت في
نظر الفرد، مثل غيرها من الظواهر الطبيعية الأخرى، سرّا من أسرار الآلهة وسلاحا من
أسلحتها. ولهذا فقد احتل الطوفان حيزا مهمّا في معتقدات سكان وادي الرافدين
وتآليفهم، ولنا أن نفترض أن واحدا من تلك الفيضانات العظيمة في بلاد سومر، التي
ربما حدثت في نهاية الألف الثالث قبل الميلاد، بقي صداه في ذاكرة الأجيال لشدة
هوله وبسبب ما ألحق بالناس والبلاد من دمار، بحث اتخذ منه المؤرخون القدامى أنفسهم
نقطة لتاريخ الحوادث..." (يوسف حبي، الإنسان في أدب وادي الرافدين، منشورات
دار الجاحظ، بغداد، 1980، ص. 37 و38).
وقد كان للحفريات التي قام بها الباحث Leonard Woolley في مدينة أور (Ur) تدعيما
للرأي القائل بقوة الفيضان الذي أصاب بلاد الرافدين: "وهو يتابع بانتظام
حفرياته، وجد تحت القبور، على بعد 12 مترا من العمق طبقة من الطين صافية (خالية من
الأواني الخزفية أو الحصى) يبلغ سمكها ليس أقل من مترين ونصف. إن وجود هذا الطمي
الطبيعي لا يتيح لنا إلا إمكانية تفسير واحد يهمّ العالم الجيولوجي أكثر مما يهمّ عالم
الأثريات، لقد كانت بلاد سومر من قبل مسرحا لفيضان كارثي..."
(C. W. Ceram, Des Dieux, des tombeaux, des savants, éd.
Plon/L.P., Paris, 1974, p. 382)
بقيت ملاحظة بخصوص الآراء التي حاولت أن تلقي بحجر في
بركة المعتقدات القديمة لتحركها، وكان أحدها هو ما اعتقده أرسطو في القرن الرابع
قبل الميلاد بأن نشأة الزلازل ترجع إلى تسرب الغاز والهواء من باطن الأرض عبر
الشقوق والفتحات الصخرية...
3- تعريف علمي:
أــ الزلازل: عبارة عن هزات سريعة وقصيرة المدى تتعرض
لها قشرة الأرض خلال فترات متقطعة نتيجة للاضطرابات الباطنية. ويعظم حدوث مثل هذه
الهزات مع الثورانات البركانية العنيفة أو مع حركة التصدع العظمى، وعند احتكاك
الصخور بشدة على طول أسطح الصدوع، وقد تهتز أجزاء قشرة الأرض بشدة بحيث يشعر بها
الإنسان في حين أن هناك آلافا من الهزات الضعيفة قصيرة المدى لا تسجلها سوى أجهزة
الرصد السيسموغرافية الدقيقة، وتتميز بداية حدوث الهزات الزلزالية بضعفها ثم بمرور
ثوان قليلة جدا تنبعث الهزات العنيفة وبمضي ثوان أخرى تتناقص قوة الهزات إلى أن
تتلاشى نهائيا...
ب ــ التسونامي: عندما تحدث الزلازل في قاع المحيط قد
ينجم عن ذلك حدوث اضطرابات عنيفة في مياه المحيط وتتخذ شكل أمواج عالية تعرف في
اليابان باسم أمواج التسنامي (Tsunami)، وأول
علامة لبدء حدوث الموجات البحرية انسحاب المياه بشدة من الشاطئ نحو البحر، ثم بعد
بضعة دقائق ترتد الأمواج ثانية إلى خط الساحل بقوة وعنف على شكل موجات بحرية عالية
جدا، وينجم عنها تدمير المنشآت العمرانية على خط الساحل، بل وخروج المياه إلى
اليابس وتجمعها أحيانا على شكل بحيرات ساحلية.
ومن أظهر أمثلة أمواج التسنامي تلك التي تحدث على سواحل
جزر اليابان وجزر هاواي، ويبلغ عدد أمواج التسنامي التي تعرضت لها جزيرة هاواي منذ
اكتشافها عام 1778 حتى الوقت الحاضر نحو ثلاثين موجة بحرية زلزالية كبرى، وفي أول
أبريل عام 1946 حدث زلزال عنيف في جزيرة أنيمك (Unimak)...
وبعد مضي 4 ساعات و 34 دقيقة وصلت مقدمات أمواج أمواج التسنامي إلى جزيرة هاواي،
وذلك بعد أن عبرت الموجات الزلزالية البحرية نحو 2240 ميل، أي بسرعة 490 ميل في
الساعة، وقد تراوح ارتفاع الموجات البحرية التي اصطدمت بسواحل جزر هاواي من 35 و45
قدم.
(حسن أحمد أبو العينين، كوكب الأرض: ظواهره التضاريسية
الكبرى، دار النهضة العربية، بيروت، 1970).
4- تحليل الخطاب الديني:
في كتابه "تهافت
الفلاسفة" يعلن الغزالي انتفاء العلاقات السببية وعدم الاقتران بين النتائج
والمقدمات وبين الأسباب والمسببات معتبرا أن: "الاقتران بين ما يُعتقد في
العادة سببا وما يعتقد مسببا ليس ضروريا عندنا (...) والنظر في هذه الأمور الخارجة
عن الحصر يطول، فلنعين مثالا واحدا وهو الاحتراق في القطن مثلا مع ملاقاة النار،
فإنا نجوز وقوع الملاقاة بينهما دون الاحتراق ونجوز حدوث انقلاب القطن رمادا
محترقا دون ملاقاة النار" (أبو حامد الغزالي، تهافت الفلاسفة، بيروت، 1962، ص.
195).
وقد
دفع الرجلَ إلى مثل هذا الكلام رغبته في إنكار "الفعل الطبيعي" لأن وصف
الطبيعة بأنها فاعلة تعبير متناقض من منظور الغزالي والذي يرى بأن الله هو الفاعل
على الحقيقة، فعندما تحرق النار فليست النار هي الفاعلة بل على المجاز، وكذلك
السكين لا تقطع، فالفاعل في كل هذا هو الله، هذه الفلسفة هي التي ما زالت وإلى
اليوم، تؤسس منظور المسلمين للعالم والظواهر المحيطة بهم. فالغزالي يشكل نقطة مهمة
في مسار التاريخ، فيه تجمعت الثقافة الرسمية السابقة ومنه انطلقت في اتجاه تأطير
الأجيال اللاحقة. وطبيعي أن نجد في مجتمعاتنا أقل درجة الإحساس بالمسؤولية، فعندما
يقتل أحد شخصا ما فإنما قتله على المجاز، فالفاعل إذن هو الله، وعندما تفجر جماعة
ما إحدى المنشآت فإن "الله" هو الفاعل أيضا، هكذا يتم إهدار قوانين
الثواب والعقاب في السلوك الاجتماعي. وحين تقع الزلازل والبراكين والفيضانات وتسبب
من الكوارث ما تسبب فإن رد أسبابها الطبيعية للإرادة الإلهية في العقاب أو
الابتلاء هو إعفاء المسؤولين عن تحويل الكارثة إلى دمار شامل سواء بالغش في
المباني أو التصاميم... من المحاسبة، ولا نحتاج إلى كثير عناء كي نتذكر أيضا ما
كانت قد قامت به الدولة الأموية من تكريس نظرية الجبر التي تسند كل ما يقع في
العالم إلى قدرة الله من أجل تبرير أعمالها... هذا ما سماه نصر حامد أبو زيد
بآلية: "ردّ الظواهر إلى مبدأ واحد"، في دراسته بعنوان: "الخطاب
الديني المعاصر: آلياته ومنطلقاته الفكرية (ضمن "قضايا فكرية" 1989، وهي
الدراسة التي جعلها أبو زيد الفصل الأول من كتابه الموسوم بـ: "نقد الخطاب
الديني). بفضل هذه الآلية أيضا يتم إيهام الكثيرين بأن شركات توظيف الأموال
الإسلامية ستحقق أرباحا خيالية ليست تبعا لقوانين السوق بل باليمن والبركة
والتقوى. وإذا علمنا أن عبد الصبور شاهين كان وكيلا لإحدى هذه الشركات ــ شركة
الريان ــ فهمنا لماذا قام الشيخ بحملته التكفيرية لنصر حامد أبي زيد، وأدركنا لمَ
يكره شاهين والقرضاوي... العلمانية؟ يقول أبو زيد: "لذلك نرى أن معاداة
العلمانية في الخطاب الديني المعاصر ــ وهذا ما شرحناه في "نقد الخطاب
الديني": يرتد في أحد جوانبه إلى أنها تسلبه إحدى آليات الأساسية في التأثير
(ونقصد ردّ الظواهر إلى مبدأ واحد)، ويرتد ــ في جانب آخر ــ إلى أنها تجرده من
"السلطة المقدسة" التي يدّعيها لنفسه حين يزعم امتلاكه للحقيقة الكاملة،
ورغم استنكار الخطاب الديني لموقف رجال الكنيسة في بدايات عصر النهضة فإنه يقترف
الخطيئة نفسها حين ينادي بأسلمة العلوم والآداب والفنون، ويجعل من ذاته مرجعية
شاملة تكرر موقف الكنيسة الذي يستنكره نظريا" (نصر حامد أبو زيد، التفكير في
زمن التكفير، سينا للنشر، القاهرة، 1995، ص. 83).
5ــ
ردود سريعة:
إذا
زلزلت العقول زلزالها وأخرجت من خطلها وألقت بعجرها وبجرها فارتقب فسادا يعيث فيما
حولها وفتنة ليس لها لا ما قبلها ولا ما بعدها، وهيهات هيهات أن يسكت الشرفاء لما
يكيده الجبناء هيهات، فما هو فات قد فات وما هو آت ينذرهم بالويلات، وتحدث متحدثهم
ونطق بما تكنه صدورهم بأن الأمر عقاب يتخفون وراء النصوص كاللصوص ليسرقوا الأحلام
ويفسدوا الأفهام، فهلا أخبرنا دعيّهم هل كان طاعون عمواس وعام الرِمادة وقد حدثا
في عهد عمر بن الخطاب واغتيال الخلفاء عمر وعثمان وعلي عقابا وغضبا من عند الله؟
ونطق أحدهم ضلالا وفاه خبلا بأنها إحدى ثلاث إما عقاب أو ابتلاء أو عبرة؟ وهل في
الرياضة إلا انتصار أو هزيمة أو تعادل ! ويُروى ــ والعهدة على الراوي أن أحدهم هذا عالم جيولوجي قادم من
عاصمة الضباب وهو ذو أصل مصري دفعه عجزه في ميدانه العلمي إلى الحديث عن الإعجاز
العلمي في القرآن والسنة خصوصا إذا اقترن العجز بالغنيمة والسمنة وبالراحة
والتخمة، فما ندري هل تعلّم هذا في لندنستان أم في أفغانستان؟ يُحكى أن حاكما في
عهد جحا خصص جائزة مهمة لمن يعلّم حماره القراءة أما إذا فشل المرشح لذلك فجزاؤه
القتل، ولم يجرؤ أحد على التصدي لهذه المهمة سوى جحا والذي اشترط مدة عشر سنوات
لتحقيق ذلك فوافق الحاكم، فسُئل في ذلك فقال جحا لسائليه: في هذه المدة إما أن
يموت الحاكم فأنجو من عقابه، وإما أن يموت الحمار فاُعذر في أمره، وإما أموت أنا
فأكون قد عشت أياما هنيئة بجوار الحاكم.
ومزيدا
من التوضيح ردّا على الذين يكفّرون من وراء النصوص بالتلميح وتارة بالتصريح، هذه
فتوى ابن باز حول ثبات الأرض وجريان الشمس: "فلقد "فلقد شاع بين كثير من
الكتاب والمؤلفين والمدرّسين في هذا العصر أن الأرض تدور، والشمس ثابتة، وراج هذا
على كثير من الألسن، وكثر السؤال عنه، فرأيت من الواجب أن أكتب في هذا كلمة موجزة
ترشد القارئ إلى أدلة بطلان هذا القول ومعرفة الحق في هذه المسألة، فأقول قد دلّ
القرآن الكريم، والأحاديث النبوية، وإجماع علماء الإسلام، والواقع المشاهد على أن
الشمس جارية في فلكها كما سخرها الله سبحانه وتعالى، وأن الأرض ثابتة قارة قد
بسطها الله لعباده وجعلها لهم فراشا ومهدا وأرساها لئلا تميد بهم، قال الله تعالى:
(أو لم ير الذين كفروا أن السماء كانتا رتقا ففتقناهما وجعلنا من الماء كل شيء حي،
أفلا يؤمنون، وجعلنا في الأرض رواسي أن تميد بهم) (...) فهذه الآيات الكريمات
دلائل قاطعة، وبراهين ساطعة على أن الشمس جارية لا ثابتة، وأن الأرض قارة ساكنة
كما أرساها الله بالجبال الرواسي ومدّها لعباده وبسطها لهم وجعلها فراشا"
(ابن باز، الأدلة النقلية والحسية على إمكان الصعود إلى الكواكب وعلى جريان
الشمس والقمر وسكون الأرض، مكتبة الرياض الحديثة، الرياض، ط. الثانية، 1402هـ، ص.
21- 22).
فإما
أن يأخذوا البضاعة كاملة وإما أن ينكصوا على أعقابهم، فا هو ابن باز مثلهم قد تخفى
وراء النصوص لإفحام الخصوم (خصوم البداوة والتخلف) وتكفير حملة النور !! فالكرة الآن عندهم...
6- ختام
أين
تأخذوننا بلغْوكم؟ هل تعلمون أن مصادر
العيش فوق الأرض قد ضاقت وقصرت عن حاجيات سكان البسيطة؟ والشمس ذاتها مزود الأرض
بالحرارة، لا تتوفر إلا على 35 % من كتلتها على شكل هيدروجين، مع العلم أن اندماج
أربع ذرات هيدروجين تحت الضغط الشديد والحرارة المرتفعة يتحول إلى ذرة هيليوم
وتنطلق معه طاقة كبيرة هي التي تشكل نور الشمس، وقد تحدث الكارثة ! إن الأبحاث الجارية حول
الكواكب الأخرى (مارس، زحل...) ليست من قبيل العبث، ولكنه التحسب لظرف قد تقع فيه
الكارثة، سواء بتطوير إمكانيات الأرض أو البحث عن موطن آخر لسكان الأرض في
المستقبل...
قد حُق
للدنيا أن تسعد إذ أن الفكر المنتشر في العالم، هو الفكر الحداثي، إذ لو كان فكركم
منتشرا لظللنا نركب الجِمال ونستظل بالخيام، ولو حلت الكارثة لقلتَ عن الإنسانية
السلام !!
فماذا ننتظر من إنسان يستمرئ العجز ومن شباب لا يقيم للقوانين السببية الأوزان إلا
أن يهرب إلى الكهوف وشعاب الجبال، ولا عجب إذا وجدنا أحدهم تخط يده ما يلي: "وبعد،
فإذا كانت هنالك، فعلا، مجموعة اجتهدت في مواجهة الواقع بهجرة إلى الجبال والشعاب،
أو اجتهدت فيما تلبس وتظهر فيه، فإن من الضروري احترام موقفها واجتهاداتها (...)
أما من ناحية أخرى فإن الإشارة إلى تكحيل العينين واستخدام السواك والتسمي بأسماء
السلف الصالح (...) ثم من قال إن ممارسة ذلك يتنافى والعصر، إذ يمكنك أن تكحل
عينيك وتقود طائرة نفاثة" (منير شفيق، بين النهوض والسقوط، دار البراق، تونس،
والناشر للطباعة، بيروت، ط. الثانية، ص. 84).
وأَستأذنُ
منير شفيق في تحيين عبارته تناغما مع المستجدات الحالية لكي تصبح: إذ يمكنك أن تكحّل
عينيك وتقود طائرة نفاثة وتصطدم ببرجي مركز التجارة العالمي !!
لا
تضحك من كلامهم عزيزي القارئ، ولكن... ولكن قهقه ثم تأمل جيدا..
* نشر المقال بجريدة الأحداث المغربية عدد
الأربعاء 26 يناير 2005
ليست هناك تعليقات:
إرسال تعليق